لا صوت يعلو فوق صوت الأحداث التي تشهدها المنطقة وسط متغيرات ديناميكية سريعة تضع منطقة الشرق الأوسط بأكملها في مهب الريح، وتصريحات بين شد وجذب؛ إذ يُفاجؤنا الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتصريحاته المثيرة والمتكررة بأن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والملك عبدالله ملك الأردن سيقبلان تهجير سُكان غزة إلى مصر والأردن، بلهجة غطرسه تُوحي لمن يسمعها بأن الرجل لديه وسائل ضغط؛ ترامب الذي وعد أثناء حملته الانتخابية بأنه سيُنهي حروب الشرق الأوسط، نراه يُساهم في إشعالها، ويريد أن يُورط الجميع معه، بعدما لمعت في عينه غزة وساحلها الذي يُجهز ليكون بديلا لقناة السويس المعروف بطريق التوابل الممتد من الهند إلى ساحل غزة، وحقل الغاز على سواحل غزة المعروف ب (غزة مارين) الذي يحتوي على قيمة تقديرية تبلغ (1.5) تريليون قدم مكعب من الغاز، وكان من المتوقع أن تكون عوائد هذا الحقل ما بين (700: 800) مليون دولار سنويا، بخلاف الثروات الأخرى في المياه التجارية الفلسطينية، حسب تقديرات المركز الفلسطيني للإعلام: (حقل ماري بي، حقل نوا، حقل المنطقة الوسطى)، والتي من المعتقد أن بها مكامن غاز أخرى قد تصل قيمتها إلى ثلاثة مليار دولار سنويا .هذا الذي جعل الرئيس الأميركي يُصرح بأنه سيحول غزة إلى ريفييرا جديدة… في ظل هذه الأحداث خرجت تصريحات بالأمس عن توقيع اتفاقية بين إسرائيل وإثيوبيا للتعاون في مجال المياه والطاقة، وهي إشارة واضحة للضغط على مصر من دولة المنبع لنهر النيل لتفعيل زر المحبس؛ ومنذ يومين لوحت إيطاليا بقضية ريجيني الصحفي الإيطالي الذي قُتل في مصر، وهذه القضية يستخدمها الغرب للضغط على النظام المصري وقت اللزوم. وسط كل هذه الكروت التي تظهر دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب كلا من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وملك الأردن إلى اجتماع في البيت الأبيض الأسبوع المقبل لمناقشة تهجير أهالي غزة؛ ما الذي سيفعله ترامب في لقائه بهما؟ هل سيضعهما في موقف حرج بأسلوبه الساخر كعادته؟ هل الأفضل أن يعتذرا عن الاجتماع؟ أم يُرسلان وزراء الخارجية للاجتماع بدلا منهما؟ أم يذهبان شخصيان؟
الحل الأسهل الاعتذار عن الزيارة برمتها، خاصة بعد تصريحات الرئيس المصري عن رفض التهجير وتكلم بكلام واضح وصريح في هذه المسألة، وأن رفض التهجير رفض مصري كامل شعبا وقيادة؛ وهناك حل أعلى درجة وهو إرسال وزير الخارجية المصري ووزير الخارجية الأردني للاجتماع في واشنطن؛ أما إذا كان الاجتماع سيكون بحضور الرئيس المصري وملك الأردن مع الرئيس الأميركي فينبغي أن يكون هناك ترتيبات أخرى قبل الاجتماع، لنكون سابقين الأمريكيان في هذا الاجتماع بخطوة، وتكون بمثابة طلبات يحملها الرئيس المصري وملك الأردن أثناء زيارتهما، وهذه الترتيبات التي ينبغي الاتجاه لفعلها هي:
1- دعوة طارئة لقمة عربية إسلامية يحضرها رؤساء الدول العربية والإسلامية خلال يومين على الأكثر، مع التلويح بالتعاون العسكري بين جيوش كل هذه الدول بما فيها: (تركيا، مصر، إيران، باكستان، الجزائر، ….. إلخ)؛ مع فتح المجال لعلماء المسلمين للدعوة إلى الجهاد والنفير العام، (حتى ولو مجرد كلام)؛ لأن مجرد كلمة الجهاد تُربك حسابات هؤلاء
2- دعوة وزير الخارجية الأميركي للحضور، مع رفض حضور إسرائيل لهذه القمة
3- طلب دونالد ترامب لأمر التهجير يجب أن يكون مع جميع هؤلاء الرؤساء لأنها أزمة تخص الجميع، والغرض من ذلك التحصن والاحتماء في رأي الجميع
4- المطالبة باستكمال خروج إسرائيل من جنوب لبنان، وقطاع غزة خروجا كاملا كما هو متفق عليه، والإسراع في إعادة إعمار ما تضرر
5- إدارة قطاع غزة تكون من خلال السلطة الفلسطينية بالتعاون مع حماس
6- رفض نزع سلاح المقاومة لأن سلاح المقاومة هو العصا الغليظة التي أوجعت الاحتلال، وهو الخط الأمامي الذي يُدافع عن الجميع، والذي يجب دعمه والوقوف خلفه بكل قوة حفاظا على باقي الخطوط التي منها مصر ولبنان وسوريا والأردن
7- الاحتماء في الشعوب، وإظهار غضب الشعوب العربية والإسلامية ورفضها لما يحدث
8- التنفيس الداخلي في مصر لحماية الدولة من الداخل وغلق الباب أمام من يُرتب لإشعال البلد داخليا، وذلك عن طريق الإعفاء عن سجناء الرأي، (الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء)؛ مع الإصلاحات الاقتصادية على المدى الزمني القصير.
- هذه النقاط ستقلب الموازين، وستضع كل حرف في موضعه الصحيح، وستغلق أبواب الجحيم القادمة.
كتبه/د. أحمد سليمان
عضو اتحاد الناشرين المصريين